امراض القلوب

      يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم
امراض القلوب
 
مقدمة   يقولون انالمرض فى الابدان وايضا فى الاديان ومن هنا نبدأ الحديث فمن المتعارف عليه على مر العصور والايام انه ليس كل ما سمى مرضا يكون بالضرورة مرض فى البدن فربما يكون  ذ لك المرض فىالنفس او فى العقيدة ونعنى بذ لك  - بالطبع- العقيدة  غير الصحيحة وهذا بلا شك أخطر بكثير من المرض الجسدى ومن هنا جاءت الفكرة أن يهتم  بعض العلماء بالقاء الضوء على هذه الامراض التى تصيب الروح قبل الجسد وليس الامر يقتصر على امراض دون غيرها فهناك بلا شك علاقة وثيقة تربط بينهم وتشمل هذه المقدمة نقاط  ثلاث هى مامعنى المرض وماهى انواع الامراض ثم كيف يمكن ان نشخص الامراض   ونبدأ بالحديث عن ماهوالمرض و نستعرض هنا لقولين اما الاول فهو ما ورد فى احد الكتب القيمة وهو كتاب (الانسان ذلك المجهول) للكاتب الكسيس كاريل من تعريب الاستاذ / شفيق فريد ويتحد ث فى احد فصوله عن المرض فيقول( يشتمل المرض على اضطراب وظيفى واخر تكوينى وله وجهات عديدة   فهناك امراض  للقلب وهناك امراض للجهاز الهضمى  ؛الخ -  ولكن الجسم يحتفظ بوحدته نفسها فى  حالتى المرض والصحة على السواء) وقد وضع  الكاتب الامراض فى طائفتين كبيرتين  الاولى وهى طائفة الامراض المعد ية  والتى تسببها الميكروبات- و الاخرى هىامراض الانحلال  التى تحدث من وجود مواد تفرز من داخل الجسم نفسه- ومعظم هذه الامراض جاءت نتيجة للحضارة  وتلوث البيئة نتيجة الدخول فى عصر الالة- ولن نستطيع ان نفهم خصائص هذه الامراض قبل ان نتأمل طبيعة نشاطنا العقلى فالجسم والوجدان وان كانا بارزين كلا على حدة الا انهما غير منفصلين تماما سواء فى المرض او فى الصحة و من ناحية اخرى قد ورد فى تفسير القرطبى أن ابن فارس وهو من علماء اللغة قال( ان المرض هو كل ماخرج بالانسان عن حد الصحة من علة او نفاق أوتقصير فى أمرما ) و هنا لعلنا نستشف من هذا التعريف انه يمكن للمرء ان يعرف ان المرض لا يكون  فقط فى الجسد بل ايضا يكون فى النفس فمن المعلوم الان ان النفس تمرض كما يمرض الجسد و نخلص من هذا الى ان المرض (علة تصيب عضو ما من اعضاء الجسم تنال من وظائفه اما بالعطب او بالقصور ويتداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ولمعظم الامراض اعراض وعلامات تميزها عن غيرها من الامراض ) وقد سئل فضيلة الشيخ الشعراوى فى تفسير قوله  تعالى فى اول سورة البقرة(فىقُلوبهم مَّرضٌ فزادهُم اللَّهُ مَرضاً}. ما المقصود بأمراض القلب؟ وهل هي أمراض حسية أو معنوية  يقول فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي: المرض هو خروج الجسم عن حد الاعتدال.. ولا تذكر أن لك بطناً إلا إذا آلمتك.. ولا تذكر أن لك كلية إلا إذا آلمتك.. ولا تؤلم الأعضاء إلا إذا خرجت عن حد الاعتدال. فخروج الجسم عن حد الاعتدال يدلك عليه، والدلالة تكون بالألم.. وهذا الألم ظاهرة صحية، لأنه إنذار بمرض.. والأمراض التي تأتي بدون ألم أشد استعصاء على العلاج. ويضيف فضيلة الإمام: أما القلب، فهو في صورته الحسية مضخة دم، وهو يعطي الحياة والحركة.. هذا في الماديات. أما في الأمور المعنوية. فإن المعقولات تتركز وتتحول إلى قضايا تعقد في القلب عقداً لا تطفو بعده من جديد.. وتسير حركة الحياة على وفق هذه القضايا، والحيز الذي يشغله القلب هو الفؤاد، والقلب وفؤاده في الصدر. إذن هناك قلب وفؤاد وصدر.. ساعة يتحدث الله عن القلب يتحدث بأساليب مختلفة يقول مثلاً: {وأصبحَ فُؤاد أمّ مُوسى فارغاً} أي لا قلب لها؛ لأنه يقول سبحانه وتعالى: {لَولا أن رَّبطْنا على قلبِها}. ويقول سبحانه وتعالى: {ألمْ نشْرَح لكَ صدركَ} فالشرح للصدر كله، لا للقلب ولا للفؤاد وحدهما. فالمراد إذن من مرض القلب في الآية الكريمة هو المرض المعنوي.. وهو الخروج عن حد الاعتدال.. وما حد اعتدال القلب؟ إن حد اعتداله أن يكون بصدد أي عقيدة تعرض عليه فارغاً منها ومن سواها، ثم يناقش القضيتين، فأيهما يقتنع به يدخله في قلبه. أما أن يبقى قضية فيه ثم يناقش الأخرى، فليس في هذه عدالة استقبال أو اعتدال في صحة القلب.. بل حد اعتداله: أن تخرج الاثنتين من قلبك، وأن تناقش القضيتين، وتدخل أرجحهما فيه، هذا هو الحق والاعتدال.   لأن الله ما جعل لرجل من قلبين في جوفه حتى يناقش بهما قضيتين بل هو قلب واحد، وحيز واحد، والحيز الواحد لا يدخل، ولا يتداخل فيه مظروفان أبداً. فإذا كان في قلبك قضية ثم ناقشت الأخرى؛ فلن تدخل الأخرى أبداً.
 ثانيا أنواع الامراض: وتتنوع امراض القلب- مثل كل الامراض- الى انواع ثلاثة يمكن حصرها فى امراض عضويةواخرى  نفسية وزد على ذلك  الامراض الايمانية- وهى الاخطر على الاطلاق حيث ان الاوليين- سبب للالم والشقاء فى الحياة الدنيا فقط بينما الثالثة سبب للشقاء فى الدارين الاولى والاخرة ( ومن يعرض عن ذكر ربه فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة اعمى) فعلى سبيل المثال اذا قلنا مرض قصور شرايين القلب فأننا  نعنى بذلك مرضا عضويا واذا قلنا الاكتئاب  فاننا نعنى بذلك مرضيا نفسيا -وقد توجد منطقة رمادية بين الاثنين فيما يعرف بالامراض النفسجسمانيه يشمل ذلك المريض -الذى يحير العديد من الاطباء بان يعطى اعراضا تتشابهه لامراض قلبية عضوية دون ان يكون مصابا باى منها بعد استنفاذ كل الفحوص اللازمة والنوع الثالث والاخطر هنا هو الامراض الايمانية وهى الامراض التى تم الاشارة اليها فى القرآن الكريم والتى نعنى بعرضها هنا بشىء من التفصيل وقد ورد فىكتب التفاسير الكثير من الشرح لهذه الامراض ومنها تفسير الامام القرطبى الذى ذكر فيه عشرة  اوصاف او اسماء لها هى : (الختم والطبع والضيق والمرض والرين والموت والقساوة والانصراف والحمية والإنكار) فقال في الإنكار :( قلوبهم منكرة وهم مستكبرون )وقال فى  الحمية :( إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية)- وقال في الانصراف :( ثم أنصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لايفقهون)- وقال في القساوة : (فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله) وقال :( ثم قست قلوبكم من بعد ذلك)- وقال في الموت :( أو من كان ميتا فأحييناه) وقال( إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله)- وقال في الرين :( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون) وقال في المرض :( في قلوبهم مرض)- وقال في الضيق :( ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا)- وقال في الطبع :( فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون) وقال :( بل طبع الله عليها بكفرهم) -وقال في الختم :( ختم الله على قلوبهم) وسيأتي بيانها كلها في مواضعها إن شاء الله تعالى  
ثالثا كيف يمكن تشخيص مرض ما: يتبع الاطباء فى الغالب وسائل ثلاثة فى تشخيص الامراض وهى اخذ التاريخ المرضى والخاص للمريض عن طريق مجموعة من الاسئلة المباشرة وغير المباشرة وثانى هذه الوسائل هو الفحص السريرى للمريض لاكتشاف مجموعة الاعراض والعلامات التى تميز المرض عن غيره من الامراض - اما الوسيلة الثالثة فهى مجموعة الفحوص والاختبارت المعملية والاشعاعية وخلافه والتى تساعد فى تأكيد التشخيص المقترح او نفيه وقد يفلح طبيبا فيما يفشل فيه اخر حينما يأذن الله تعالى بالشفاء  الان ماهى امراض القلب نستطيع ان نقسم امراض القلوب الى مجموعتين من الامراض مادية ومعنوية فأما الامراض المادية(العضوية)ونذكر منها العيوب الخلقية كوجود ثقب فى القلب بعد الولادة ومنها امراض القلب الروماتيزمية والتى تصيب صمامات القلب وايضا امراض اعتلال  وقصور وفشل وظائف القلب ومنها  امراض الشرايين التاجية التى تقوم بتغذية القلب  وتسبب ما يسمى بالام الذبحة الصدرية وتؤدى الجلطات فى الشرايين التاجية الى تسددهاالى نقص الاكسجين الواصل الى عضلة القلب مما يؤدىالى احتشاء عضلة القلب وموتها  ومن ناحية اخرى فعن الامراض المعنوية  يقول الامام الغزالى فى كتابه  المنقذ من الضلال خلق الله الانسان من بدن وقلب  ويعنى بالقلب حقيقة روحه التى هى محل معرفة الله  وكما ان البدن له صحة بها سعادته ومرض فيه هلاكه  وان القلب كذلك له صحة وسلامه  ولا ينجو الا من اتى الله بقلب سليم وله  كما قال  تعالى  فى قلوبهم مرض- وان الجهل بالله سم مهلك  وان معصية الله بمتابعة الهوى داؤه الممرض  وان معرفة الله تعالى ترياقه المحيى وانه لاسبيل الى معالجته بإزالة  مرضه وكسب صحته الا بادوية كما لاسبيل الى معالجة البد ن الا بذ لك  وكما ان ادوية   البد ن تؤثر فى كسب الصحة بخاصية فيها لا يدركها العقلاء ببضاعة العقل  وعلى الجمله فالانبياء اطباء امراض القلوب  مع مراعاة ان الله تعالى مقلب القلوب والاحوال  وقلب المؤمن بين اصبعين من اصابع الرحمن والله تعالى يحول بين المرء وقلب  ومرض البدن  هوا ختلال فى صحته وصلاحه وهو فساد يكون فيه يفسد به إدراكه أشياء لا حقيقة لها في الخارج او  فساد حركته الطبيعية فمثل أن تضعف قوته عن الهضم أو مثل أن يبغض الأغذية التي يحتاج إليها ويحب الاشياء التي تضره ويحصل له من الالامالشيئ الكثير وكذلك مرض القلب هو نوع فساد يحصل ويشمل فساد الكمية أو الكيفية فالأول إما لنقص المادة فيحتاج إلى غذاء والثانى يفسد به تصوره وإرادته فتصوره بالشبهات التي تعرض له حتى لا يرى الحق أو يراه على خلاف ما هو عليه و تتغيرإرادته بحيث يبغض الحق النافع ويحب الباطل الضار فلهذا يفسر المرض تارة بالشك والريب كما فسر مجاهد وقتادة قوله تعالى فى سورة البقرة  في قلوبهم مرض أي شك وتارة يفسريشهوة الزنا كما فسر به قوله تعالى فى سورة  الأحزاب فيطمع الذي في قلبه والمريض يؤذيهمالا يؤذي الصحيح فيضره  وذكر الخرائطي فى كتاب اعتلال القلوب- أي مرضها- ان المرض في الجملة يضعف المريض بجعل قوته  ضعيفة لا تطيق الحر والبرد والعمل ونحو ذلك من الأمور التي لا يقوى عليها لضعفه بالمرض ما يطيقه القوى والصحة تحفظ بالمثل وتزال بالضد والمرض يقوى بمثل سببه ويزول بضده فإذا حصل للمريض مثل سبب مرضه زاد مرضه وزاد ضعف قوته حتى ربما يهلكوإن حصل له ما يقوى القوة ويزيل المرض كان بالعكس و مرض القلب ألم يحصل في القلب كالغيظ من عدو استولى  كما ذكر فىالقرآن -ويذهب غيظ قلوبهم- فشفاؤهم بزوال ما حصل في قلوبهم من الالم   فإن ذلك يؤلم القلب قال الله تعالى فى سورة التوبة( ويشف صدور قوم مؤمنين)  -وفي الدية او القصاص استشفاء أولياء المقتول ونحو ذلك فهذا شفاء من الغم والغيظ والحزن وكل هذه آلام والشاك في الشيء المرتاب فيه يتألم قلبه حتى يحصل له العلم واليقين ويقال للعالم الذي اجاب بما يبين الحق قد شفاني بالجواب والمرض دون الموت فالقلب يموت بالجهل المطلق ويمرض بنوع من الجهل فله موت ومرض وحياة وشفاء وحياته وموته ومرضه  وشفاؤه أعظم من حياة البدن وموته ومرضه وشفائه فلهذا مرض القلب إذا ورد عليه شبهة أو شهوة  والمرض يكون فى قلوب المنافقين وغير الاسوياء من بنى البشر قال تعالى فى سورة الحج( ليجعل ما يلقى الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض  )   وعن أنسأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الشيطان واضع خطمه على قلب إبن آدم فإذا ذكر الله خنس وإذا نسي الله التقم قلبه فوسوس ( وقال إبن عباس : إذا ذكر الله العبد خنس من قلبه فذهب وإذا غفل التقم قلبه فحدثه ومناه  ونعرض هناامثلة لبعض امراض القلوب كما وردت فى القرآن الكريم
 

المرض

 الختم  الطبع  القسوة  الغفلة

الانكار

الاقفال العمى الحمية الهوى

 الزيغ

 الحسد

الران النفاق الضيق

الموت

 الانصراف

 

 

 

المرض قال تعالى( في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون) سورة البقرة  آية(10)  وقال تعالى(  فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ) سورة المائدة الآية25  وقال تعالى( إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم ) سورة الانفال اية(49) وقال تعالى( وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون )  سورة التوبة  آية(125)وقال تعالى( ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفي شقاق بعيد ) سورة الحج آية(53)"و قال تعالى( أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُون )  سورة النور  آية(  50) وقال تعالى( لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا )   سورة الاحزاب آية(60  )و قال تعالى( وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَر) سورة المدثر  ِآية(  31 )قال السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وعن أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآية ( في قلوبهم مرض ) قال شك فزادهم الله مرضا قال شكا وقال ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس في قلوبهم مرض قال شك وكذلك قال مجاهد وعكرمة والحسن البصري وأبو العالية والربيع أبن أنس وقتادة وعن عكرمة وطاوس ( في قلوبهم مرض ) يعني الرياء وقال الضحاك عن ابن عباس في قلوبهم مرض قال نفاق فزادهم الله مرضا قال نفاقا وهذا كالأول وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قلوبهم مرض قال هذا مرض في الدين وليس مرضا في الأجساد وهم المنافقون والمرض الشك الذي دخلهم في الإسلام فزادهم الله مرضا قال زادهم رجسا وقرأ ( فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم ) قال شرا إلى شرهم وضلالة إلى ضلالتهم وهذا الذي قاله عبد الرحمن رحمه الله حسن وهو الجزاء من جنس العمل
الختم  قال تعالى(ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم )  سورة البقرة الاية7 وقال تعالى( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُم مَّنْ إِلَـهٌ غَيْرُ اللّهِ يَأْتِيكُم بِهِ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُون)   سورة الانعام الاية 46اوقال تعالى ( أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشأ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته إنه عليم بذات الصدور)  سورة الشورىآية(24) وقال تعالى( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون)  سورة الجاثية آية(23) والقول في تأويل قوله تعالى: {ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم} وأصل الختم: الطبع، والخاتم: هو الطابع، يقال منه: ختمت الكتاب، إذا طبعته. فإن قال لنا قائل: وكيف يختم على القلوب، وإنما الختم طبع على الأوعية لما جعل فيها من المعارف بالأمور، فمعنى الختم عليها وعلى الأسماع التي بها تدرك المسموعات، ومن قبلها يوصل إلى معرفة حقائق الأنباء عن المغيبات، نظير معنى الختم على سائر الأوعية والظروف. فإن قال: فهل لذلك من صفة تصفها لنا فنفهمها؟ أهي مثل الختم الذي يعرف لما ظهر للأبصار، أم هي بخلاف ذلك؟ قيل: قد اختلف أهل التأويل في صفة ذلك، والختم من اشد الامراض فتكا بالقلب ويقول الامام الطبرى فى تفسيره ان الختم لايكون الا للظروف والاوعية ولذلك فإن قلوب العباد هى بمثابة اوعية لما اودعت من العلوم وظروف لما جعل فيها من المعارف بالامور فمعنى الختم عليها  وعلى الاسماع التى بها تدرك المسموعات وبها يصل الى معرفة حقائق الانباء عن المغيبات - وقال مجاهد ان القلب فى مثل الكف فإذا اذنب العبد ذنبا قبض منه اصبعا حتى يقبض اصابعه كلها-وجاء فى تفسير البيضاوى ان الختم هو الكتم، وسمى به الاستيثاق من الشيء بضرب الخاتم عليه لأنه كتم له واعتبار الأصل، فإنه مصدر في أصله والمصادر لا تجمع. أو على تقدير مضاف مثل وعلى حواس سمعهم والبلوغ آخره نظراً إلى أنه آخر فعل يفعل في إحرازه. والغشاوة: فعالة من غشاه إذا غطاه، بنيت لما يشتمل على الشيء، كالعصابة والعمامة ولا ختم ولا تغشية على الحقيقة، وإنما المراد بهما أن يحدث في نفوسهم هيئة تمرنهم على استحباب الكفر والمعاصي، واستقباح الإيمان والطاعات بسبب غيهم، وانهماكهم في التقليد، وإعراضهم عن النظر الصحيح، فتجعل قلوبهم بحيث لا ينفذ فيها الحق، وأسماعهم تعاف استماعه فتصير كأنها مستوثق منها بالختم، وأبصارهم لا تجتلي الآيات المنصوبة لهم في الأنفس والآفاق كما تجتليها أعين المستبصرين، فتصير كأنها غُطيت ختماً وتغشية. أو مثل قلوبهم ومشاعرهم  ا بأشياء ضرب حجاب بينها وبين الاستنفاع بها ختماً وتغطية، وايضا قد يكون المراد بالختم وَسْمُ قُلوبهم بسمة تعرفها الملائكة، فيبغضونهم وينفرون عنهم، وعلى هذا المنهاج كلامنا وكلامهم فيما يضاف إلى الله تعالى من طبع وإضلال ونحوهم 
  
  . الطبع قال تعالى( فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بايات الله وقتلهم الانبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليهم بكفرهم فلا يؤمنون الا قليلا) سورة النساء اية 155 وقال تعالى(أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون) سورة الاعراف آية 100ثم قال تعالى(رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ )  سورة التوبة اية(87)و قال تعالى  ( أُولَـئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) سورة النحل اية108 قال تعالى( كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُون)  سورة  الروم َآية(59 ) وقال تعالى( الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ)  سورة غافر الاية35  قال تعالى( وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُم )  سورة محمد آية 16  قال تعالى( ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون )  سورة المنافقون آية(3)

 القسوة قال تعالى( ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون)  آية(74) و قال تعالى( فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين): سورة المائدة آية 13 و قال تعالى ( فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون ) سورة الانعام َآية(43  وقال تعالى( أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين) سورة الزمر آية(22) و قال تعالى( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ )   سورة الحديد آية(16)  

  الران قال الله تعالى ( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ) والرين يعتري قلوب الكافرين  وقد روى ابن جرير والترمذي   والنسائي   وابن ماجة من طرق عن محمد بن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال( إن العبد إذا أذنب ذنبا كانت نكتة سوداء في قلبه فإن تاب منها صقل قلبه وإن زاد زادت فذلك قول الله تعالى ( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ) وقال الترمذي حسن صحيح ولفظ النسائي إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء فإن هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه فإن عاد زيد فيها حتى تعلوا قلبه فهو الران الذي قال الله تعالى ( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ) وقال أحمد حدثنا صفوان بن عيسى أخبرنا ابن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه فإن زاد زادت حتى تعلوا قلبه- وذاك الران الذي ذكر الله في القرآن ( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ) وقال الحسن البصري وهو الذنب على الذنب حتى يعمى القلب فيموت وكذا قال مجاهد بن جبير وقتادة وابن زيد وغيرهم وقوله تعالى ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) أي لهم يوم القيامة منزل ونزل سجين ثم هم يوم القيامة مع ذلك محجوبون عن رؤية ربهم وخالقهم قال الإمام أبو عبد الله الشافعي وفي هذه الآية دليل على أن المؤمنين يرونه عز وجل   - حدثنا به محمد بن يسار، قال: حدثنا صفوان بن عيسى، قال: حدثنا ابن عجلان عن القعقاع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إن المؤمن إذا أذنب ذنبا كانت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه، فإن زاد زادت حتى يغلف قلبه؛ فذلك الران الذي قال الله جل ثناؤه: {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} [المطففين: 14]
العمىقال تعالى( أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) سورة الحج آية(46) قال ابن كثير فى تفسير قوله تعالى ( لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها ) يعني ليس ينتفعون بشيء من هذه الجوارح التي جعلها الله سببا للهداية كما قال تعالى ( وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله ) الآية وقال تعالى ( صم بكم عمي فهم لا يرجعون ) هذا في حق المنافقين وقال في حق الكافرين ( صم بكم عمي فهم لا يعقلون ) ولم يكونوا صما ولابكما ولاعميا إلا عن الهدى كما قال تعالى ( ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون ) وقال ( فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) وقال ( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون ) وقوله تعالى ( أولئك كالأنعام ) أي هؤلاء الذين لا يسمعون الحق ولايعونه ولايبصرون الهدى كالأنعام السارحة التي لا تنتفع بهذه الحواس منها إلا في الذي يقيتها من ظاهر الحياة الدنيا كقوله تعالى ( ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء ) أي ومثلهم في حال دعائهم إلى الإيمان كمثل الأنعام إذا دعاها راعيها لا تسمع إلا صوته ولاتفقه ما يقول ولهذا قال في هؤلاء ( بل هم أضل ) أي من الدواب لأنها قد تستجيب مع ذلك لراعيها إذا أبس بها وإن لم تفقه كلامه بخلاف هؤلاء ولأنها تفعل ماخلقت له إما بطبعها وإما بتسخيرها بخلاف الكافر فأنه إنما خلق ليعبد الله ويوحده فكفر بالله وأشرك به ولهذا من أطاع الله من البشر كان أشرف من مثله من الملائكة في معاده ومن كفر به من البشر كانت الدواب أتم منه ولهذا قال تعالى ( أولئك كالآنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون )   

الزيغ قال تعالى(هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب) سورة ال عمران آية(7) وقال تعالى ( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) سورة ال عمران آية(8) وقال تعالى( وإذ قال موسى لقومه يا قوم لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين) سورة الصف آية(5)

النفاق   قال تعالى( فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ )  سورة التوبة آية(77)   و  المظهرون للإسلام فيهم مؤمن ومنافق والمنافقون كثيرون في كل زمان والمنافقون في الدرك الأسفل من النار ويقال ثانيا الإنسان قد يكون عنده شعبة من نفاق وكفر وإن كان معه إيمان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه( أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا حدث كذب وإذا ائتمن خان وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر فأخبر أنه من كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق)   وقال في الحديث الصحيح (أربع في أمتي من أمر الجاهلية الفخر بالأحساب  والطعن في الأنساب والنياحة والاستسقاء بالنجوم) وقال في الحديث الصحيح( لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه قالوا اليهود والنصارى قال فمن) وقال أيضا في الحديث الصحيح( لتأخذن أمتي ما أخذت الأمم قبلها شبرا بشبر وذراعا بذراع قالوا فارس والروم قال ومن اناس إلا هؤلاء) وقال ابن أبي مليكة أدركت ثلاثين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف االنفاق على نفسه- وعن علي أو حذيفة رضي الله عنهما قال (القلوب أربعة قلب أجرد فيه سراج يزهر فذلك قلب المؤمن وقلب أغلف فذاك قلب الكافر وقلب منكوس فذاك قلب المنافق وقلب فيه مادتان مادة تمده الإيمان ومادة تمده النفاق فأولئك قوم خطلوا عملا صالحا وآخر سيئا  )    و حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين بن داود، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج في قوله: {ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين} قال: هذا المنافق يخالف قوله فعله وسره علانيته ومدخله مخرجه ومشهده مغيبه. القرطبي 18\123 ويحتمل أن يكون ذلك محمولا على ظاهره أنهم يشهدون أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم اعترافا بالإيمان ونفيا للنفاق عن أنفسهم وهو الأشبه ( والله يعلم إنك لرسوله ) كما قالوه بألسنتهم ( والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ) أي فيما أظهروا من شهادتهم وحلفهم بألسنتهم وقال الفراء : ( والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ) بضمائرهم فالتكذيب راجع إلى الضمائر وهذا يدل على أن الإيمان تصديق القلب وعلى أن الكلام الحقيقي كلام القلب ومن قال شيئا واعتقد خلافه فهو كاذب وقد مضى هذا المعنى في أول البقرة 

الانصراف  قال تعالى ( سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق ) أي سأمنع فهم الحجج والأدلة الدالة على عظمتي وشريعتي وأحكامي قلوب المتكبرين عن طاعتي ويتكبرون على الناس بغير حق كما استكبروا بغير حق أذلهم الله بالجهل كما قال تعالى ( ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ) وقال تعالى ( فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم ) وقال بعض السلف لا ينال العلم حيي ولامستكبر وقال آخر من لم يصبر على ذل التعلم ساعة بقى في ذل الجهل أبدا وقال سفيان بن عيينة في قوله ( سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق ) قال أنزع عنهم فهم القرآن وأصرفهم عن آياتي قال ابن جرير وهذا خطاب لهذه الأمة قلت ليس هذا بلازم لأن ابن عيينة إنما أراد أن هذا مطرد في حق كل أمة ولافرق بين أحد وأحد في هذا والله أعلم وقوله ( وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها ) كما قال تعالى ( إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم ) وقوله ( وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا ) أي وإن ظهر لهم سبيل الرشد أي طريق النجاة لا يسلكوها وإن ظهر لهم طريق الهلاك والضلال ( يتخذوه سبيلا ) ثم علل مصيرهم إلى هذه الحال بقوله ( ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا ) أي كذبت بها قلوبهم ( وكانوا عنها غافلين ) أي لا يعملون شيئا مما فيها وقوله ( والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة حبطت أعمالهم ) أي من فعل منهم ذلك واستمر عليه إلى الممات حبط عمله وقوله (هل يجزون إلا ماكانوا يعملون ) أي إنما نجازيهم بحسب أعمالهم التي أسلفوها إن خيرا فخير وإن شرا فشر وكما تدين تدان

 
  ا لحسد من أمراض القلوب الحسد كما قال بعضهم في حده إنه أذى يلحق بسبب العلم بحسن حال الاغنياء فلا يجوز أن يكون الفاضل حسودا لأن الفاضل يجرى على ما هو الجميل وقد قال طائفة من الناس إنه تمنى زوال النعمة عن المحسود وإن لم يصر للحاسد مثلها بخلاف الغبطة فإنه تمنى مثلها من غير حب زوالها عن المغبوط والتحقيق أن الحسد هو البغض والكراهة لما يراه من حسن حال المحسود وهو نوعان أحدهما كراهة للنعمة عليه مطلقا فهذا هو الحسد المذموم وإذا أبغض ذلك فإنه يتألم ويتأذى بوجود ما يبغضه فيكون ذلك مرضا في قلبه ويلتذ بزوال النعمة عنه وإن لم يحصل له نفع بزوالها لكن نفعه بزوال الألم الذي كان في نفسه ولكن ذلك الألم لم يزل إلا بمباشرة منه وهو راحة وأشده كالمريض فإن تلك النعمة قد تعود على المحسود وأعظم منها وقد يحصل نظير تلك النعمة ما أنعم به على النوع ولهذا قال من قال إنه تمنى زوال النعمة فإن من كره النعمة على غيره تمنى زوالها و النوع الثاني أن يكره فضل ذلك الشخص عليه فيجب أن يكون مثله أو أفضل منه فهذا حسد وهو الذي سموه الغبطة وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم حسدا في الحديث المتفق عليه من حديث ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهما قال( لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها ورجل آتاه الله مالا وسلطه على هلكته في الحق هذا لفظ ابن مسعود ولفظ ابن عمر رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل والنهار ورجل آتاه الله مالا فهو ينفق منه)

 الاقفال ذكرابن كثير فى تفسير قوله تعالى ( بل على قلوب أقفالها) فهي مطبقة لا يخلص إليها شيء من معانيه قال ابن جرير    حدثنا بشر قال حدثنا يزيد قال حدثنا سعيد قال حدثنا حماد بن زيد حدثنا هشام بن عروة عن أبيه رضي الله عنه قال تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) فقال شاب من أهل اليمن بل عليها أقفالها حتى يكون الله يفتحها أو يفرجها

الهوى  و مرض الشهوة وإرادة الشر متى خضع له قلبه و عقله ثم جسمه قال تعالى فى سورة الأحزاب( فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض) فالمريض بهذا الداء يدفعه الطمع الذى يقوى الإرادة والطلب يقوي المرض بذلك بخلاف ما إذا كان آيسا من المطلوب فإن اليأس يزيل الطمع فتضعف الإرادة فيضعف الحب فإن الإنسان لا يريد أن يطلب ما هو آيس منه فلا يكون مع الإرادة عمل أصلا بل يكون حديث نفس إلا أن يقترن بذلك كلام او نظر ونحو ذلك فأما إذا ابتلى بالعشق وعف وصبر فإنه يثاب على تقواه لله وقد روى في الحديث( أن من عشق فعف وكتم وصبر ثم مات كان شهيدا) وهو معروف من رواية يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا وفيه نظر ولا يحتج بهذا لكن من المعلوم بأدلة الشرع أنه إذا عف عن المحرمات نظرا وقولا وعملا وكتم ذلك فلم يتكلم به حتى لا يكون في ذلك كلام محرم اما شكوى إلى المخلوق وإما إظهار فاحشة وإما نوع طلب للمعشوق وصبر على طاعة الله وعن معصيته وعلىما في قلبه من ألم العشق كما يصبر المصاب عن ألم المصيبة فإن هذا يكون ممن اتقى الله وصبر و من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين  وهكذا مرض الحسد وغيره من أمراض النفوس وإذا كانت النفس تطلب ما يبغضه الله فينهاها خشية من الله كان ممن دخل في قوله تعالى فى سورة النازعات (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى) فالنفس إذا أحبت شيئا سعت في حصوله بما يمكن حتى تسعى في أمور كثيرة تكون كلها مقامات لتلك الغاية فمن احب محبة مذمومة أو أبغض بغضا مذموما وفعل ذلك كان آثما مثل أن يبغض شخصا لحسده له فيؤذي من له به تعلق إما بمنع حقوقه أو بعدوان عليهم او لمحبة له لهواه معه فيفعل لأجله ما هو محرم أو ما هو مأمور به لله فيفعله لأجل هواه لا لله وهذه أمراض كثيرة في النفوس والإنسان .    


موت القلب وأعلم أن حياة القلب وحياة غيره ليست مجرد الحس والحركة الإرادية أو مجرد العلم والقدرة كما يظن ذلك طائفة من النظار في علم الله وقدرته كأبي الحسين البصري قالوا إن حياته أنه بحيث يعلم ويقدر بل الحياة صفة قائمة بالموصوف وهي شرط في العلم والارادة والقدرة على الأفعال الاختيارية وهي أيضا مستلزمة لذلك فكل حي له شعور وإرادة وعمل اختياري بقدرة وكل ماله علم وإرادة وعمل اختياري فهو حي و الحياء مشتق من الحياة فإن القلب الحي يكون صاحبه حيا فيه حياء يمنعه عن القبائح فإن حياة القلب هي المانعة من القبائح التي تفسد القلب ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم الحياء من الإيمان وقال الحياء والعي شعبتان من الإيمان والبذاء والبيان شعبتان من النفاق فإن الحي يدفع ما يؤذيه بخلاف الميت الذي لا حياة فيه فإنه يسمى وقحا والوقاحة الصلابة وهو اليبس المخالف الرطوبة الحياة فإذا كان وقحا يابسا   الوجه لم يكن في قلبه حياة توجب حياءه وامتناعه من القبح كالأرض اليابسة لا يؤثر فيه وطء الأقدام بخلاف الأرض الخضر ولهذا كان الحيي يظهر عليه التأثر بالقبح وله إرادة تمنعه عن فعل القبيح بخلاف الوقح والذي ليس بحيي فإنه لا حياء معه ولا إيمان يزجره عن ذلك فالقلب إذا كان حيا فمات الإنسان بفراق روحه بدنه كان موت النفس فراقها للبدن ليست هي في نفسها ميتة بمعنى زوال حياتها عنها   فالموت المثبت غير الموت المنفي- المثبت هو فراق الروح البدن والمنفي زوال الحياة بالجملة عن الروح والبدن وهذا كما أن النوم أخو الموت فيسمى وفاة ويسمى موتا وكانت الحياة موجودة فيهما قال تعالى الزمر الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استيقظ من منامه- يقول الحمد الله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور-


وأما مفسدات القلب الخمسة : فيتحدث  عنها ابن القيم ويقول انها خمسة هى  ( كثرة الخلطة والتمني والتعلق بغير الله والشبع والمنام) فهذه الخمسة من أكبر مفسدات القلب فنذكر آثارها التي اشتركت فيها وما تميز به كل واحد منها   واعلم أن القلب يسير إلى الله عز وجل والدار الآخرة ويكشف عن طريق الحق ونهجه وآفات النفس والعمل وقطاع
الطريق بنوره وحياته وقوته وصحته وعزمه وسلامة سمعه وبصره وغيبه الشواغل والقوطع عنه وهذه الخمسة تطفىء نوره وتعور عين بصيرته وتثقل سمعه إن لم تصمه وتبكمه وتضعف قواه كلها وتوهن صحته وتفتر عزيمته وتوقف همته وتنكسه إلى وراءه ومن لا شعور له بهذا فميت القلب   فهي عائقة له عن نبل كماله قاطعه له عن الوصول الى ما خلق له وجعل نعيمه وسعادته وابتهاجه ولذته في الوصول إليه فإنه لا نعيم له ولا لذة ولا ابتهاج ولا كمال إلا بمعرفة الله ومحبته والطمأنينة بذكره والفرح والابتهاج بقربه والشوق إلى لقائه فهذه جنته العاجلة كما أنه لا نعيم له في الآخرة ولا فوز إلا بجواره في دار النعيم في الجنه الآجلة فله جنتان لا يدخل الثانية منهما إن لم يدخل الأولى وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية  يقول : إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة وقال بعض العارفين : إنه ليمر بالقلب أوقات أقول : إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب وقال بعض المحبين : مساكين أهل الدنيا خرجوا من الدنيا وما ذاقوا أطيب ما فيها قالوا : وما أطيب ما فيها قال : محبة الله والأنس به والشوق إلى لقائه والإقبال عليه والإعراض عما سواه أو نحو هذا من الكلام وكل من له قلب حى يشهد هذا ويعرفه ذوقا وهذه الأشياء الخمسة : قاطعة عن هذا حائلة بين القلب وبينه عائقة له عن سيره ومحدثة له أمراضا وعللا إن لم يتداركها المريض خيف عليه منها فأما ما تؤثره كثرة الخلطة : فامتلاء القلب من دخان  أنفاس بني آدم حتى ( مدارج السالكين ج1/ص  454 )     الخلطة : أن يخالط الناس في الخير كالجمعة والجماعة والأعياد والحج وتعلم العلم والجهاد والنصيحة ويعتزلهم في الشر وفضول المباحات فإذا دعت الحاجة إلى خلطتهم في الشر ولم يمكنه اعتزالهم : فالحذر  مدارج السالكين ج1/ص455 الحذر أن يوافقهم وليصبر على أذاهم فإنهم لا بد أن يؤذوه إن لم يكن له قوة ولا ناصر ولكن أذى يعقبه عز ومحبة له وتعظيم وثناء عليه منهم ومن المؤمنين ومن رب العالمين وموافقتهم يعقبها ذل وبغض له ومقت وذم منهم ومن المؤمنين ومن رب العالمين فالصبر على أذاهم خير وأحسن عاقبة وأحمد مآلا وإن دعت الحاجة إلى خلطتهم في فضول المباحات فليجتهد أن يقلب ذلك المجلس طاعة لله إن أمكنه ويشجع نفسه ويقوي قلبه ولا يلتفت إلى الوارد الشيطاني القاطع له عن ذلك بأن هذا رياء المقادير عن ذلك أعجزته فليسل قلبه من ومحبة لإظهار علمك وحالك ونحو ذلك فليحاربه وليستغن بالله ويؤثر فيهم من الخير ما أمكنه فإن بينهم كسل الشعرة من العجين وليكن فيهم حاضرا غائبا قريبا بعيدا نائما يقظانا ينظر إليهم ولا يبصرهم ويسمع كلامهم ولا يعيه لأنه قد أخذ قلبه من بينهم ورقى به إلى الملأ الأعلى يسبح حول العرش مع الأرواح العلوية الزكية وما أصعب هذا وأشقه على النفوس وإنه ليسير على من يسره الله عليه فبين العبد وبينه أن يصدق الله تبارك وتعالى ويديم اللجأ إليه ويلقي نفسه على بابه طريحا ذليلا ولا يعين على هذا إلا محبة صادقة والذكر الدائم بالقلب واللسان وتجنب المفسدات الأربع الباقية الآتي ذكرها ولا ينال هذا إلا بعدة صالحة ومادة قوة من الله عز وجل وعزيمة صادقة وفراغ من التعلق بغير الله تعالى   : من مفسدات القلب ركوبه بحر التمنى وهو بحر لا ساحل له وهو البحر الذي يركبه مفاليس العالم كما قيل إن المنى رأس أموال المفاليس وبضاعة ركابه مواعيد الشيطان   وخيالات المحال والبهتان فلا تزال أمواج الأماني الكاذبة والخيالات الباطلة تتلاعب براكبه كما تتلاعب الكلاب بالجيفة وهي بضاعة كل نفس مهينة خسيسة سفلية ليست لها همة تنال بها الحقائق الخارجية بل أعتاضت عنها بالأماني الذهبية وكل بحسب حاله : من متمن للقدرة والسلطان  وللضرب فى الأرض والتطراف في البلدان أو للأموال والأثمان أو للنسوان والمردان فيمثل المتمني صورة مطلوبه في نفسه وقد فاز بوصولها والتذ بالظفر بها مبيننا هو على هذه الحال إذ استيقظ فإذا يده والحصير وصاحب الهمة العلية أمانيه حائمة حول العلم والإيمان والعمل الذى يقربه إلى الله ويدنيه من جواره فأماني هذا إيمان ونور وحكمة وأماني أولئك خدع وغرور وقد مدح صلى الله عليه وسلم   و المفسد الثالث من مفسدات القلب التعلق بغير الله تبارك وتعالى وهذا أعظم مفسداته على الإطلاق فليس عليه أضر من ذلك ولا أقطع له عن مصالحه وسعادته منه فإنه إذا تعلق بغير الله وكله الله إلى ما تعلق به وخذله من جهة ما تعلق به وفاته تحصيل مقصوده من الله عز وجل بتعلقه بغيره والتفاته إلى سواه فلا على نصيبه من الله حصل ولا إلى ما أمله ممن تعلق به وصل قال الله تعالى :   ( واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا ) مريم :   وقال تعالى :( واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون )يس :  فأعظم الناس خذلانا من تعلق بغير الله فإن مافاته من مصالحه وسعادته وفلاحه أعظم مما حصل له ممن تعلق به وهو معرض للزوال والفوات ومثل المتعلق بغير الله : كمثل المستظل من الحر والبرد ببيت العنكبوت أوهن البيوت وبالجملة : فأساس الشرك وقاعدته التي بنى عليها : التعلق بغير الله ولصاحبه الذم والخذلان كما قال تعالى ( لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا) الإسراء :   مذموما لا حامد لك مخذولا لا ناصر لك إذ قد يكون بعض الناس مقهورا محمودا كالذي قهر بباطل وقد يكون مذموما منصورا كالذي قهر وتسلط عليه بباطل وقد يكون محمودا منصورا كالذي تمكن وملك بحق والمشرك المتعلق بغير الله قسمه أردأ الأقسام الأربعة لا محمود ولا منصورو المفسد الرابع من مفسدات القلب : الطعام والمفسد له من ذلك نوعان أحدهما ما يفسده لعينه وذاته كالمحرمات وهي نوعان : محرمات لحق الله كالميتة والدم ولحم الخنزير وذي الناب من السباع والمخلب من الطير ومحرمات لحق العباد كالمسروق والمغصوب والمنهوب وما أخذ بغير رضى صاحبه إما قهرا وإما حياء وتذمما والثاني : ما يفسده بقدره : وتعدي حده كالإسراف في الحلال والشبع المفرط فإنه يثقله عن الطاعات  ويشغله بمزاولة مؤنة البطنة ومحاولتها حتى يظفر بها فإذا ظفر بها شغله بمزاولة تصرفها ووقاية ضررها والتأذى بثقلها وقوى عليه مواد الشهوة وطرق مجاري ومن أكل كثيرا شرب كثيرا فنام كثيرا فخسر كثيرا وفي الحديث المشهور : ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لا بد فاعلا فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه  و المفسد الخامس كثرة النوم فإنه يميت القلب ويثقل البدن ويضيع  الوقت ويورث كثرة الغفلة والكسل ومنه المكروه جدا ومنه الضار غير النافع للبدن وأنفع النوم : ما كان عند شدة الحاجة إليه ونوم أول الليل أحمد وأنفع من آخره ونوم وسط النهار أنفع من طرفيه وكلما قرب النوم من الطرفين قل نفعه وكثر ضرره ولا سيما نوم العصر والنوم أول النهار إلا لسهران  ومن المكروه عندهم : النوم بين صلاة الصبح وطلوع الشمس فإنه وقت غنيمة وللسير ذلك الوقت عند السالكين مزية عظيمة حتى لو ساروا طول ليلهم لم يسمحوا بالقعود عن السير ذلك الوقت حتى تطلع الشمس فإنه أول النهار ومفتاحه ووقت نزول الأرزاق وحصول القسم وحلول البركة ومنه ينشأ النهار وينسحب حكم جميعه على حكم تلك الحصة فينبغى أن يكون نومها كنوم المضطر وبالجملة فأعدل النوم وأنفعه : نوم نصف الليل الأول وسدسه الأخير وهو مقدار ثمان ساعات وهذا أعدل النوم عند الأطباء وما زاد عليه أو نقص منه أثر عندهم في الطبيعة  انحرافا بحسبه   تشخيص المرض  و يمكن تلخيص  تشخيص المرض بالتالى ( ان  لكل مرض من الامراض مجموعة من العوراض التى تساهم فى تشخيصه والتعرف عليه ) ومن اعراض امراض القلوب ومنها - صاحب القلب المريض لا يحب الطاعات و الأعمال الصالحة - صاحب القلب المريض يحب المعاصى - صاحب القلب المريض لا يحب ذكر الله - صاحب القلب المريض لا يحب الأماكن الطيبة و يضيق بها و يأنس بالأماكن المبوؤة - صاحب القلب المريض لا يحب أهل الخير و العلم و الفضل والدعوة و يحب أهل السوء 

المصدر الذى تم الاقتباس منه هو كتاب امراض القلوب لابن القيم

 وقد ذكر فى موقع  اعمال القلوب  الكثير من امراض القلوب مثل الاقفال والانتكاسة والبدعة والتزكية والتطير والتمنى والخوف والتوهم والجهل والحسد والحقد والخوف والرياء والزيغ وسوء الظن والشك والشبه والعجب والغرور والغفلة والغلو والفتور والقسوة والمداهنة والهوى والوجد والوسواس واليأس وكما نلاحظ انها مرتبة ابجديا اما عند الاطلاع على احد التفاسير القيمة للقرآن الكريم مثل تفسير القرطبى فوجد عشرة بشىء من الشرح والتفصيل 

المرض الجسدى والمرض النفسى تعالوا معى لننظر فى تلك المقارنة الناجحة التى عقدها احد المفكرين الاسلاميين المعاصرين  هو الاستاذ جودت سعيد فى مقالة نشرت له فى مجلة المجلة التى تصدر عن دار الشرق الاوسط للنشرفى عددها رقم1182 حيث قال الكاتب ( اريد ان اقارن بين المرض الجسدى والمرض النفسى لاظهار مشكلة حقيقية وعمقية القرآن يستعمل مصطلح مرض القلب حيث ورد المرض فى اماكن كثيرة منسوبا الى القلب ولم يكن المراد بمرض القلب  مرض العضلة والامراض القلبية التى تؤدى الى الموت المفاجئ السريع وانما كان المراد به الامراض المعرفيه النفسية العقلية والجهل) ثم تحدث الكاتب عن الصعوبة التى تواجه المرء فى الفصل بين المريض والمرض فى حالة الامراض الفكرية مما يؤدى به الحال الى كراهية المريض ذاته ولو نفسه وهذا يؤدى الى الى انتشار الكراهية والحقد  ويستمر الكاتب فى حديثه عن دور الانبياء فى علاج هذه الامراض فيقول ( لم يرسل الله الانبياء الى البشر ليعلموهم كيفية القضاء على الامراض الجسدية او تسخير المادة او الطاقات الموجودة فى الطبيعة وانما يرسلونهم الى البشر ليعلموا الناس صناعة القلب السليم, الذى ليس فيه الحقد والكراهية والمقت والبغضاء , فمن هنا وصفات الانبياء التى جاءوا بها لم يتمكن البشر من فهمها  ولا الاقتراب من علاجاتهم لمعافاة الناس من الامراض القلبية الفهمية التى تدفع الناس اللى الفساد وسفك الدماء فى المجتمع الواحد وفى المجتمات المختلفة ) ويتحدث الكاتب فى خاتم مقالته عن التوصية التالية فى علاج المريض الفكرى فيقول( ان علاج المريض فكريا ليس بقتله وكراهيته وانما  بحبه والعطف عليه انه مصاب بفقر الدم الخبيث فى حاجة الى انعاش وعلينا ان نعرف انه لم يخلق هكذا مريضا وانما جاءه المرض بعد ذلك) 

كيف يحول الله بين العبد وقلبه  في رواية عن مجاهد في قوله ( يحول بين المرء وقلبه ) أي حتى يتركه لا يعقل وقال السدي يحول بين الإنسان وقلبه فلايستطيع أن يؤمن ولايكفر إلا بإذنه وقال قتادة هو كقوله ( ونحن أقرب اليه من حبل الوريد ) وقد وردت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يناسب هذه الآية وقال الإمام أحمد   حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك قال فقلنا يا رسول الله آمنا بك وبما جئت به فهل تخاف علينا قال نعم إن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها  كما كان صلى الله عليه وسلم يقول ( مامن قلب إلا وهو بين أصبعين من أصابع الرحمن رب العالمين إذا شاء أن يقيمه أقامه وإذا شاء أن يزيغه أزاغه وكان يقول يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك قال والميزان بيد الرحمن يخفضه ويرفعه  ) رواه النسائي وابن ماجة وعن عائشة قالت دعوات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بها يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك قالت فقلت يا رسول الله إنك تكثر أن تدعو بهذا الدعاء فقال إن قلب الآد مي بين أصبعين من أصابع الله فإذا شاء أزاغه وإذا شاء أقامه - قال الإمام أحمد   حدثنا هاشم حدثنا عبد الحميد حدثني شهر سمعت أم سلمة تحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكثر في دعائه يقول اللهم مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك قالت فقلت يا رسول الله أو إن القلوب لتقلب قال نعم ماخلق الله من بشر من بني آدم إلا أن قلبه بين أصبعين من أصابع الله عز وجل فإن شاء أقامه وإن شاء أزاغه فنسأله ربنا أن لا يزغ قلوبنا بعد إذ هدانا ونسأله أن يهب لنا من لدنه رحمة إنه هو الوهاب قالت فقلت يا رسول الله ألا تعلمني دعوة أدعو بها لنفسي قال بلى قولي اللهم رب النبي محمد اغفر لي ذنبي وأذهب غيظ قلبي وأجرني من مضلات الفتن ما أحييتني - قال الإمام أحمد   حدثنا أبو عبد الرحمن حدثنا حيوة أخبرني أبو هانئ أنه سمع أبا عبد الرحمن الجبلي أنه سمع عبد الله بن عمرو أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول( إن قلوب بني آدم بين اصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفها كيف شاء ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك) انفرد بإخراجه مسلم      

 

 سابق                               تالى                  الرئيسية